الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **
فمن الحوادث فيها أنه كانت زلزلة ببغداد في نيسان وكانت زلازل عظيمة في حلوان وبلدان الجبل وقم وقاشان فقتلت خلقًا كثيرًا وأخربت. وظهر في آخر نيسان وأيار جراد أتلف الغلات الصيفية والثمار ببغداد وأتلف من الغلات الشتوية بديار مضر شيئًا عظيمًا واجتاحت الرطاب والمباطخ. وورد الخبر بأن الروم خرجوا إلى آمد وميافارقين وفتحوا حصونًا كثيرة وقتلوا من المسلمين ألفًا وخمسمائة رجل. وفي آخر هذه السنة: فتح الروم سميساط وأخربوها. أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع أبو العباس حدث عن أبي الزنباع وغيره وكان ثقة توفي في محرم هذه السنة. حمزة بن محمد بن العباس أبو أحمد الدهقان سمع الباس الدوري وابن أبي الدنيا وروى عنه الدارقطني وابن رزقويه وأبو علي بن شاذان وكان ثقة وسكن بالعقبة ورأى نهر عيسى قريبًا من دجلة وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة. الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم أبو عبد الله الأسد أباذي أحد من رحل في طلب الحديث وطاف البلاد شرقًا وغربًا فسمع خلقًا كثيرًا منهم: الحسن بن سفيان ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو يعلى الموصلي وكان حافظًا متقنًا مكثرًا صدوقًا سمع منه ببغداد محمد بن مخلد وكان الزبير إذ ذاك حدثًا وصنف الشيوخ الأبواب توفي في ذي الحجة من هذه السنة. بن محمد بن بشران بن مهران أبو الطيب القرشي الأموي وهو جد أبي الحسين وأبي القاسم ابني بشران. سمع بشر بن موسى ويوسف القاضي وكان ثقة وتولى القضاء بنواحي حلب وتوفي في هذه السنة.عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان أبو محمد الفارسي النحوي ولد في سنة ثمان وخمسين ومائتين حدث عن عباس الدوري والمبرد وابن قتيبة وسكن بغداد إلى آخر وفاته وحمل عنه من علوم الأدب كتب صنفها روى عنه ابن المظفر والدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه وأبو علي بن شاذان أثنى عليه أبو عبد الله بن منده ووثقه وتوفي في صفر هذه السنة. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن شهاب أبو طالب العكبري ولد سنة أربع وستين ومائتين. سمع أبا شعيب الحراني ومحمد بن صالح بن ذريخ وثقه سيف القاضي وكان ثقة توفي في ذي القعدة من هذه السنة. عبد الوهاب بن محمد بن موسى أبو أحمد ولد سنة ست وستين ومائتين وسمع بالأهواز من أحمد بن عبدان وببغداد من مخلص وغيره واستوطنها وتوفي بالمبارك في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بالنعمانية. علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن زيد بن ماتي أبو الحسن الكاتب مولى زيد بن علي بن الحسين من أهل الكوفة ولد سنة تسعة وأربعين ومائتين قدم بغداد وحدث عن جماعة روى عنه الدارقطني وابن رزقويه وكان ثقة وتوفي في هذه السنة وحمل إلى الكوفة. محمد بن أحمد بن محمد بن سهل أبو الفضل الصيرفي نيسابوري الأصل حدث عن أبي مسلم الكجي وروى عنه الدارقطني وابن رزقويه وكان ثقة وتوفي في المحرم من هذه السنة. محمد بن الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب أبو الحسن القرشي ثم الأموي ولد سنة اثنتين وتسعين ومائتين وولي القضاء بمدينة السلام وحدث عن أبي العباس بن أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: استخلف المستكفي بالله في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة واستقضى على مدينة المنصور ومدينة الشرقية أبا الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب وذكر طلحة أنه كان رجلًا واسع الأخلاق كريمًا جوادًا طلابة للحديث قال: ثم قبض عليه في صفر سنة أربع وثلاثين فلما كان في رجب في هذه السنة قبض على المستكفي بالله واستخلف المطيع فقلد أبا الحسن الشرقية والحرمين واليمن ومصر وسر من رأى وقطعة من أعمال السواد وبعض أعمال الشام وشقي الفرات وواسط ثم صرف عن جميع ذلك في رجب سنة خمس وثلاثين. أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا إبراهيم بن مخلد قال: أخبرنا إسماعيل بن علي بن علي قال: وعزل محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن جميع ذلك في ما كان يتقلده من أمر القضاء وأمر المستكفي بالقبض عليه ففعل ذلك يوم الثلاثاء لخمس خلون من صفر سنة أربع وثلاثين وكان قبيح الذكر فيما يتولاه من الأعمال منسوبًا إلى الاسترشاء في الأحكام والعمل فيها بما لا يجوز قد شاع ذلك عنه وكثر الحديث به وتوفي في رمضان هذه السنة. فمن الحوادث فيها أنه في جمادى الأولى اتصلت الفتن بين الشيعة والسنة وقتل بينهم خلق كثير ووقع حريق كثير في باب الطاق. وفي هذه السنة: غرق من الحاج الوارد من الموصل بضعة عشر زورقًا كان فيها من الرجال والنساء والصبيان ستمائة نفس. أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس أبو بكر النجاد ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين وسمع أبا داود والباغندي وأبا بكر بن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد وخلقًا كثيرًا وكان يمشي في طلب الحديث حافيًا وجمع المسند وصنف في السنن كتابًا كبيرًا وكانت له في جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها: أحدهما للفتوى في الفقه على مذهب أحمد والأخرى لإملاء الحديث روى عنه أبو بكر بن مالك والدارقطني أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني الحسين بن علي بن محمد الفقيه قال: سمعت أبا إسحاق الطبري يقول: كان أحمد بن سلمان يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف ويترك منه لقمة فإذا كان في الجمعة تصدق في الرغيف وأكل تلك اللقم التي استفضلها. توفي ليلة الجمعة لعشر بقين من ذي الحجة من هذه السنة عن خمس وتسعين ودفن قريبًا من قبر بشر الحافي. إبراهيم بن شيبان أبو اسحاق القرمسيني شيخ المتصوفة بالجبل صحب أبا عبد الله المغربي وإبراهيم الخواص وكان يقول: الخوف إذا سكن القلب أحرق الشهوات فيه وطرد عنه رغبة الدنيا. جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم أبو محمد الخواص المعروف بالخلدي سافر الكثير وسمع الحديث الكثير وروى علمًا كثيرًا وروى عنه الدار قطني وابن شاهين وخلق كثير وكان ثقة صدوقًا دينًا حج ستين حجة وتوفي في رمضان هذه السنة. جارية مولدة كانت لابنة ابن حمدون النديم وكانت سمراء موصوفة بحسن الغناء فاستراها أبو بكر محمد بن رائق من مواليها بثلاثة ألف دينار على يد أبي جعفر بن حمدون وأعطى أبا جعفر عن دلالته ألف دينار ثم قتل عنها فتزوجها الحسين بن العلاء بن سعيد بن حمدون. توفيت في رجب هذه السنة. علي بن أحمد بن سهل أبو الحسن البوشنجي لقي أبا عثمان وصحب ابن عطاء والجريري وكان دينًا معتمدًا للفقر وأسند الحديث توفي في هذه السنة. أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا ابن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت أبا العباس محمد بن الحسن البغدادي يقول: سألت أبا الحسن البوشنجي عن المتصرف فقال: اسم ولا حقيقة وقد كان قبل حقيقة ولا اسم. علي بن محمد بن الزبير أبو الحسن القرشي الكوفي ولد سنة أربع وخمسين ومائتين ونزل بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه ابن رزقويه محمد بن إبراهيم ابن يوسف بن محمد أبو عمر الزجاجي النيسابوري صحب أبا عثمان والجنيد والنوري والخواص وغيرهم وأقام بمكة وصار شيخها حج قريبًا من ستين حجة وقيل: إنه لم يبل ولم يتغوط في الحرم منذ أربعين سنة وهو به مقيم وتوفي في هذه السنة. محمد بن إسحاق ابن عبد الرحيم أبو بكر السوسي قدم بغداد في سنة إحدى وأربعين وثلثمائة وحدث بها أحاديث مستقيمة فروى عنه الدارقطني وابن رزقويه وغيرهما وتوفي في هذه السنة. محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان أبو طالب التنوخي أصله من الأنبار سمع أبا مسلم الكجي وبشر بن موسى الأسدي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهم. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد قال: لم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول على قضاء المدينة - يعني مدينة المنصور - من سنة ست وتسعين ومائتين إلى ربيع الأول سنة ست عشرة وثلثمائة وكان ربما اعتل فيخلفه ابنه أبو طالب محمد وهو رجل جميل الأمر حسن المذهب شديد التصون وممن كتب العلم وحدث بعد أبيه بسنتين. أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال: حدثني الحسن بن أبي طالب حدثنا علي بن عمرو الجريري قال: توفي أبو طالب بن البهلول في يوم الأحد ضحوة لست عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثلثمائة محمد بن أحمد بن تميم أبو الحسن الخياط القنطري كان ينزل قنطرة البردان ولد في صفر سنة تسع وخمسين ومائتين وحدث عن أبي قلابة الرقاشي ومحمد بن سعد العوفي الكديمي وغيرهم وتوفي يوم الجمعة سلخ شعبان في هذه السنة. قال محمد بن أبي الفوارس: كان فيه لبن. محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك أبو بكر الرازي توفي في جمادى الأولى من هذه السنة. محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة بن زيد بن عبد الملك أبو بكر الآدمي القارئ الشاهد صاحب الألحان. كان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن ولد في رجب سنة ستين ومائتين وحدث عن أحمد بن عبيد ابن ناصح والحارث بن محمد بن أبي أسامة وعبد الله بن أحمد الدورقي ومحمد بن أبي شيبة وغيرهم وروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وابن بشران وغيرهم. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي قال: سمعت أبي يقول: حججت في بعض السنين وحج في تلك السنة أبو القاسم البغوي وأبو بكر الآدمي القارئ فلما صرنا بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءني أبو القاسم البغوي فقال لي: يا أبا بكر ها هنا رجل ضرير قد جمع حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعد يقص ويروي الكذب من الأحاديث الموضوعة والأخبار المفتعلة فإني رأيت أن تمضي بنا إليه لننكر عليه ونمنعه فقلت له: يا أبا القاسم إن كلامنا ها هنا لا يؤثر مع هذا الجمع الكثير والخلق العظيم ولسنا ببغداد فيعرف لنا موضعنا ولكن ها هنا أمر آخر هو الصواب فاقبلت على أبي بكر الآدمي فقلت له: استعذ بالله واقرأ فما هو إلا أن ابتدأ بالقراءة حتى انجفلت الحلقة وانفض الناس جميعًا فأحاطوا بنا يسمعون قراءة أبي بكر الآدمي وتركوا الضرير وحده فسمعته يقول لقائده: خذ بيدي هكذا تزول النعم. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن قال: حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد قال: حدثني ذرة الصوفي قال: كنت بائتًا بكلواذى على سطح عال فلما هذا الليل قمت لأصلي فسمعت صوتًا ضعيفًا يجيء من بعد فأصغيت إليه وتأملته فإذا هو صوت لأبي بكر الآدمي القارئ فقدرته منحدرًا في دجلة وأصغيت فلم أجد الصوت يقرب ولا يزيد على ذلك القدر ساعة ثم انقطع فشككت في الأمر وصليت ونمت وبكرت فدخلت بغداد على ساعتين من النهار أقل وكنت مجتازًا في السمارية فإذا بأبي بكر الآدمي ينزل من الشط من دار أبي عبد الله العلوي التي تقرب من فرضة جعفر على دجلة فصعدت إليه وسألته عن خبره فأخبرني بسلامته وقلت: أين كنت البارحة فقال: في هذه الدار. فقلت: قرأت قال: نعم. قلت: أي وقت قال: بعد نصف الليل إلى قريب من الثلث الآخر قال: فنظرت فإذا هو الوقت الذي سمعت فيه صوته بكلواذى فعجبت من ذلك عجبًا شديدًا بان له فيّ فقال: مالك فقلت: إني سمعت صوتك البارحة وأنا على سطح بكلواذى وتشككت فلولا أنك أخبرتني الساعة على غير اتفاق ما صدقته قال: فاحكها عني فأنا أحكيها دائمًا. توفي أبو بكر الآدمي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الأول ودفن في هذا اليوم في الصفة التي بحذاء قبر معروف الكرخي. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: قال محمد بن ابي الفوارس: سنة ثمان وأربعين وثلثمائة فيها مات محمد بن جعفر أبو بكر الآدمي وكان قد خلط فيما حدث به. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني علي بن أبي علي المعدل أخبرنا أبو بكر بن أبي موسى القاضي وأبو إسحق الطبري وغيرهما قالوا سمعنا أبا جعفر عبد الله بن إسماعيل بن بويه يقول: رأيت أبا بكر الآدمي في النوم بعد موته بمديدة فقلت له ما فعل الله بك فقال لي: وقفني بين يديه وقاسيت شدائد وأمورًا صعبة. فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن فقال: ما كان شيء أضر علي منها لأنها كانت للدنيا. فقلت له: فإلى أي شيء انتهى أمرك قال: قال لي الله عز وجل آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين. فمن الحوادث فيها أنه يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وقعت فتنة بين السنة والشيعة في القنطرة الجديدة وتعطلت الجمعة من الغد في جميع المساجد الجامعة في الجانبين سوى مسجد براثا فإن الصلاة تمت فيه وقبض على جماعة من بني هاشم واعتقلوا في دار الوزير لأنهم اتهموا بأنهم كانوا سبب الفتنة وأطلقوا من الغد. وفي هذا الشهر: ورد الخبر بأن ابنًا لعيسى بن المكتفي بالله ظهر بناحية أرمينية وموقان وأنه يلقب: بالمستجير بالله يدعو إلى المرتضى من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لبس الصوف وأمر بالمعروف وتبعه جماعة فسار إلى آذربيجان فغلب على عدة بلدان منها ثم حورب فأخذ. وفي نصف شوال: عرضت لمعز الدولة علة في الكلى فبال الدم وقلق منها قلقًا شديدًا ثم بال بعد ذلك الرمل ثم الحصى الصغار والرطوبة التي ينعقد منها الرمل والحصى وأسلم في هذه السنة من الأتراك مائتا ألف خركاه. أزهر بن أحمد بن محمد أبو غانم الخرقي حدث عن أبي قلابة الرقاشي روى عنه الدارقطني وابن رزقويه وكان ينزل بالجانب الشرقي في سوق العطش وتوفي في هذه السنة. جعفر بن حرب أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز عن أبي القاسم علي بن المحسن عن أبيه: أن جعفر بن حرب كان يتقلد الأعمال الكبار للسلطان وكانت نعمته تقارب نعمة الوزارة فاجتاز يومًا راكبًا في موكب له عظيم ونعمته على غاية الوفور ومنزلته بحالها في نهاية الجلالة فسمع رجلًا يقرأ الحسين بن علي بن يزيد بن داود أبو علي الحافظ النيسابوري ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وكان واحد دهره في الحفظ والإتقان والورع مقدمًا في مذاكرة الأئمة كثير التصنيف ذكره الدارقطني فقال: إمام مهذب. وكان مع تقدمه في العلوم أحد الشهود المعدلين بنيسابور ورحل في طلب الحديث إلى الآفاق البعيدة وسمع من الأكابر وكان عقدة لا يتواضع لأحد كتواضعه لأبي علي وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة. حسان بن محمد بن أحمد بن هارون أبو الوليد القرشي الفقيه إمام أهل الحديث بخراسان في عصره وأزهدهم وأكثرهم اجتهادًا في العبادة درس الفقه على مذهب أبي العباس ابن سريج وسمع من الحسن بن سفيان وغيره وصنف التصايف الحسنة. أخبرنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو عثمان الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا: أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا ابوليد حسان بن محمد بن أحمد القرشي يقول في مرضه الذي مات فيه: قالت لي والدتي كنت حاملًا بك وكان للعباس بن حمزة مجلس فاستأذنت أباك أن أحضر مجلسه في أيام العشر فأذن لي فلما كان في آخر المجلس قال العباس بن حمزة: قوموا فقاموا وقمت فأخذ العباس يدعو فقلت: اللهم هب لي ابنًا عالمًا ثم رجعت إلى المنزل فبت يلك الليلة فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلًا أتاني فقال: أبشري فإن الله قد استجاب دعوتك ووهب لك ولدًا ذكرًا وجعله عالمًا ويعيش كما عاش أبوك قالت: وكان أبي عاش اثنتين وسبعين سنة قال حسان وهذه قد تمت لي اثنتان وسبعون سنة فعاش بعد هذه الحكاية أربعة أيام توفي ليلة الجمعة خامس ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وثلثمائة أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب أبو سليمان الخطابي سمع الكثير وصنف التصانيف منها المعالم شرح فيها " سنن أبي داود " و " الأعلام " شرح فيها البخاري و " غريب الحديث " وله فهم مليح وعلم غزير ومعرفة باللغة والمعاني والفقه وله أشعار فمن ذلك قوله: ما دمت حيًا فدار الناس كلهم فإنما أنت في دار المداراة من يدر داري ومن لم يدر سوف يرى عما قليل نديمًا للندامات عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هشام واسم أبي هشام: بشار وكنيته عبد الواحد: أبو طاهر. كان من أعلم الناس بحروف القراآت ووجوه القراآت وله في ذلك تصانيف وحدث عن جماعة منهم: أبو بكر بن أبي داود وابن مجاهد روى عنه أبو الحسن الحمامي وكان ثقة أمينًا يسكن الجانب الشرقي توفي في شوال هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران. علي بن المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس أبو القاسم أنبأنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله قال: كان يضرب المثل بعقل شيخنا أبي القاسم وكان من أودع مشايخنا وسمع نيسابور وببغداد وبالكوفة وحدث سنين وحججت معه في سنة إحدى وأربعين فكان أكثر الليل يقرأ في العمارية فإذا نزل قام إلى الصلاة لا يشتغل بغير ذلك وما أعلم أني دخلت الطواف إلا وجدته يطوف وسمعت ابنه أبا عبد الله يقول: ضعف بصر أبي ثلاث سنين ولم يخبرنا به حتى ضعفت العين الأخرى فحينئذ أخبرنا به وتوفي في صفر هذه السنة. العباس بن محمد أبو محمد الجوهري حدث عن البغوي وابن داود وابن صاعد روى عنه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وقال: توفي في صفر هذه السنة. محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد أبو أحمد العسال الأصبهاني سمع محمد بن أيوب الرازي وإبراهيم بن زهير الحلواني وبكر بن سهل الدمياطي ونحوهم. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد السوذرجاني بأصبهان قال: سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ ولم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال. أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد قال: سمعت أبا نعيم يقول: ولي أبو أحمد العسال القضاء وكان من كبار الناس في الحفظ والإتقان والمعرفة وتوفي في رمضان سنة تسع وأربعين وثلثمائة هذه السنة. محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن زيد بن حاتم أبو يعقوب النحوي أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: ذكر أبو الفتح بن مسرور أنه حدثه عن أبي مسلم الكجي قال: توفي بمصر يوم الأربعاء لليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة. فمن الحوادث فيها أنه اشتدت علة معز الدولة ليلة السبت لأربع خلون من المحرم وامتنع عليه البول كله واشتد قلقه وجزعه ثم بال علىساعة باقية من الليل دمًا بشدة ثم تبعه البول وخرج مع البول رمل كثير وحصى صغار وخف الألم فلما أصبح سلم داره وغلمانه وكراعه إلى ابنه الأمير أبي منصور بختيار وفوض الأمر إليه وخرج في عدة يسيرة من غلمانه وخاصته ليمضي إلى الأهواز ثم أشير عليه بالتوقف فتنقل من مكان إلى مكان إلى أن عاد إلى داره ثم انتقل في جمادى الأولى من داره بسوق الثلاثاء إلى البستان المعروف ببستان الصميري وأخذ في أن يهدم ما يليه من العقار والأبنية إلى حدود البيعة وأصلح ميدانًا وبنى دارًا على دجلة في جوار البيعة ومد المسناة وبنى الاصطبلات وقلع الأبواب الحديد التي على مدينة أبي جعفر المنصور وأبواب الرصافة وقصر الرصافة ونقلها إلى داره. وهدم سور الحبس المعروف بالجديد ونقل آجره إلى داره وبنى به ونقض المعشوق بسر من رأى وحمل آجره وانفق على البناء إلى أن مات مائة ألف دينار وقبض على جماعة فصودروا على مال عظيم فأمر أن يصرف إلى بناء الدار والاصطبلات ولخق الناس في هذا الصقع شدة شديدة من التنزل عليهم. وفي يوم الأحد لثمان بقين من شعبان: تقلد أبو العباس عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالحضرة من جانبي بغداد والمدينة وقضاء القضاة وخلع عليه من دار السلطان لأن الخليفة امتنع من أن يصل إليه وضرب بين يديها الدبادب على أن يحمل إلى خزانة معز الدولة كل سنة مائتي ألف درهم وامتنع الخليفة من أن يصل إليه هذا القاضي أو غيره. وفي شوال: ورد الخبر بأن نجلاء غلام سيف الدولة دخل بلد الروم غازيًا وأنه غنم ما قيمته ثلاثون ألف دينار وسبى ألفي رأس واستأثر خمسمائة في السلاسل. وفي شباط: جاء برد بنواحي قطر بل وبإزائها في الجانب الشرقي في كل بردة أوقيتان وأكثر وقتل الطيور والبهائم. أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد أبو سهل القطان حدث عن محمد بن عبد الله بن المنادي وغيره وروى عن ابن رزقويه وكان ثقة. اخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول: حدثني من سمع أبا سهل بن زياد يقول: سمى الله المعتزلة كفارًا قبل أن يذكر فعلهم. فقال: إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن بنان أبو محمد الخطبي ولد في محرم سنة تسع وستين ومائتين وسمع الحارث بن أبي أسامة والكديمي وعبد الله بن أحمد وغيرهم وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه وكان ثقة فاضلًا نبيلًا فهمًا عارفًا بأيام الناس وأخبار الخلفاء وصنف تاريخًا كبيرًا على ترتيب السنين وكان عالمًا أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو بكر بن علي بن ثابت قال: سمعت الأزهري يقول: جاء أبو بكر بن مجاهد وإسماعيل الخطبي إلى منزل أبي عبد الصمد الهاشمي فقدم إسماعيل أبا بكر فتأخر أبو بكر وقدم إسماعيل فلما استأذن إسماعيل أذن له فقال: أدخل ومن أنا معه. أخبرنا أبو منصور أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال: سمعت أبا الحسن بن رزقويه يذكر عن إسماعيل الخطبي قال: وجه إلي الراضي باللع ليلة عيد الفطر فحملت إليه راكبًا بغلة فدخلت عليه وهو جالس في الشموع فقال لي: يا إسماعيل إني قد عزمت في غد على الصلاة بالناس في المصلى فما أقول إذا انتهيت في الخطبة إلى الدعاء لنفسي. قال: فأطرقت ثم قلت: يقول أمير المؤمنين: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين. فقال لي: حسبك ثم أمرني بالانصراف وأتبعني بخادم فدفع إلي خريطة فيها أربع مائة دينار وكانت الدنانير خمسمائة فأخذ الخادم منها لنفسه مائة دينار أو كما قال. توفي الخطبي في جمادى الآخرة من هذه السنة.تمام بن محمد بن سليمان بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أبو بكر ولد سنة تسع وستين ومائتين حدث عن عبد الله بن أحمد وغيره وروى عنه ابن رزقويه وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة. الحسن بن علي بن عبيد الله بن الحسن أبو أحمد الخلال المعروف بالكوسج حدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وكان صدوقًا وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة. الحسين بن القاسم أبو علي الطبري الفقيه الشافعي. أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: درس علي أبي علي بن أبي هريرة وبرع في العلم وسكن بغداد وصنف كتاب " المحرر " وهو أول كتاب صنف في الخلاف وصنف كتاب " الإفصاح " في المذهب وكتابًا في الجدل وكتابًا في أصول الفقه ببغداد في صفر سنة خمسين وثلثماثة. عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصور ويكنى أبا جعفر M0 ابن برية الهاشمي كان إمام جامع المنصور وحدث عن أبي الدنيا وغيره وروى عنه ابن رزقويه أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت حدثنا علي بن أبي علي قال: سمعت القاضي أبا بن أبي موسى الهاشمي وأبا إسحاق الطبري ومن لا أحصي من شيوخنا يحطون أنهم سمعوا أبا جعفر المعروف بابن برية الإمام يقول: رقي هذا المنبر - يعني منبر نسجد جامع المدينة - الواثق في سنة ثلاثين ومائتين ورقيت هذا المنبر في سنة ثلاثين وثلثمائة وبين الرقيتين مائة سنة وأنا وهو في القعدد إلى المنصور سواء هو الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور وأنا عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن المنصور. توفي ابن برية في صفر هذه السنة وقيل: سنة اثنتين وخمسين. عبد الرحمن بن برسيا بن عبد الرحمن بن الحسين المحبر مولى بني هاشم كان يسكن سويقة غالب وحدث عن أبي العباس البرتي والكديمي روى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة. أبو السائب الهمذاني أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: عتبة رجل من أهل همذان وكان أبوه عبيد الله تاجرًا مستورًا دينًا أخبرنا جماعة من الهمذانيين أنه كان يؤمهم في مسجد لهم فوق الثلاثين سنة ونشأ أبو السائب يطلب العلم وغلب عليه في ابتداء أمره علم التصوف والميل إلى أهل الزهد ثم خرج عن بلده ولقي العلماء وعني بفهم القرآن وكتب الحديث وتفقه على مذهب الشافعي واتصلت أسفاره فعرف الأمير أبو القاسم بن أبي الساج وما هو عليه من الفضل فأدخله إليه فرآه فاضلًا نبيلًا عاقلًا فقلده الحكم بمراغة وتقلد جميع آذربيجيان مع مراغة وعظمت حاله وقبض على ابن أبي الساج فعاد إلى الجبل وتقلد همذان ثم عاد إلى بغداد وتقلد أعمالًا جليلة بالكوفة وديار مضر والأهواز وعامة الجبل وقطعةمن السواد وتقدم عند قاضي القضاة أبي الحسين بن أبي عمر وسمع شهادته واستشاره في جميع أموره ولما قبض المستكفي بالله على محمد بن الحسن بن أبي الشوارب قلد أبا السائب مدينة أبي جعفر ثم قتل اللصوص أبا عبد الله محمد بن عيسى وكان قاضيًا على الجانب الشرقي وتقلد قضاء القضاة في رجب سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أحمد بن علي قال المصنف رحمه الله: ودفن في داره بسوق يحيى. أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت أخبرنا علي بن أبي علي المعدل أخبرنا أبو طاهر المخلص أخبرنا ابو بكر أحمد بن علي الذهبي المعروف: بابن القطان قال: رأيت أبا السائب عتبة بن عبيد الله قاضي القضاة بعد موته فقلت: ما فعل الله بك مع تخليطك بهذا اللفظ فقال: غفر لي فقال: كيف ذلك فقال إن الله تعالى عرض علي أفعالي القبيحة ثم أمر بي إلى الجنة وقال: لولا آليت على نفسي أن لا أعذب من جاوز الثمانين لعذبتك ولكني قد غفرت لك وعفوت عنك اذهبوا به إلى الجنة فأدخلتها. محمد بن أحمد بن حبيب بن أحمد بن راجبان أبو بكر الدهقان بغدادي سكن بخارى وحدث بها عن يحيى بن أبي طالب والحسن بن محرم وأبي قلابة الرقاشي وغيرهم ولد أبو بكر بن حبيب ببغداد سنة ست وستين ومائتين ودخل بخارى سنة سبع وثمانين ومائتين ومات ببخارى يوم السنت غرة رجب سنة خمسين وثلثمائة محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يقطين أبو بكر الأسدي المقرئ البغدادي روى عن أحمد بن محمد ابن الحسن بن عيسى الناسرجي ونزل مكة وتوفي بها في هذه السنة وكان ثقة. محمد بن علي بن مقاتل أبو بكر المقرئ كان ذا مال عظيم وتوفي بمصر في شعبان هذه السنة ووجد في داره دفائن مبلغها ثمانية وتسعين ألف دينار وأخذت له ودائع وجوهر ثمنه مائتا ألف دينار.
|